الخميس، 15 مارس 2018
الإمتناع عن عضل المطلقات بواسطة أوليائهن
ومن لسان العرب
[ عضل ]
عضل
: العضلة والعضيلة : كل عصبة معها لحم غليظ . عضل عضلا فهو عضل وعضل إذا كان كثير
العضلات ; قال بعض الأغفال :
لو تنطح الكنادر العضلا فضت شؤون رأسه فافتلا
وعضلته : ضربت عضلته . وفي صفة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان معضلا أي موثق الخلق ، وفي رواية : مقصدا ، وهو أثبت . وقال الليث : العضلة كل لحمة غليظة منتبرة مثل لحم الساق والعضد ، وفي الصحاح : كل لحمة غليظة في عصبة ، والجمع عضل ، يقال : ساق عضلة ضخمة . وفي حديث ماعز : أنه أعضل قصير ، هو من ذلك ، ويجوز أن يكون أراد أن عضلة ساقه كبيرة . وفي حديث حذيفة : أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بأسفل من عضلة ساقي وقال هذا موضع الإزار .
والعضلة من النساء : المكتنزة السمجة .
وعضل
المرأة عن الزوج : حبسها . وعضل الرجل أيمه يعضلها ويعضلها عضلا وعضلها : منعها
الزوج ظلما ; قال الله تعالى : فلا
تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن نزلت في معقل
بن يسار المزني وكان زوج أخته رجلا فطلقها ، فلما انقضت عدتها خطبها ، فآلى أن
لا يزوجه إياها ، ورغبت فيه أخته فنزلت الآية . وأما قوله تعالى : ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن
يأتين بفاحشة مبينة فإن العضل في هذه الآية من الزوج لامرأته ، وهو أن يضارها
ولا يحسن عشرتها ليضطرها بذلك إلى الافتداء منه بمهرها الذي أمهرها ، سماه الله
تعالى عضلا ; لأنه يمنعها حقها من النفقة وحسن العشرة ، كما أن الولي إذا منع
حرمته من التزويج فقد منعها الحق الذي أبيح لها من النكاح إذا دعت إلى كفء لها ،
وقد قيل في الرجل يطلع من امرأته على فاحشة قال : لا بأس أن يضارها حتى تختلع منه
، قال الأزهري : فجعل الله سبحانه وتعالى اللواتي يأتين الفاحشة مستثنيات من جملة
النساء اللواتي نهى الله أزواجهن عن عضلهن ليذهبوا ببعض ما آتوهن من الصداق . وفي
حديث ابن عمرو : قال له أبوه زوجتك امرأة فعضلتها ; هو من العضل المنع ، أراد إنك
لم تعاملها معاملة الأزواج لنسائهم ولم تتركها تتصرف في نفسها فكأنك قد منعتها .
وعضل عليه في أمره تعضيلا : ضيق من ذلك وحال بينه وبين ما يريد ظلما . وعضل بهم
المكان : ضاق . وعضلت الأرض بأهلها إذا ضاقت بهم لكثرتهم ; قال أوس بن حجر :
ترى الأرض منا بالفضاء مريضة معضلة منا بجمع عرمرم
،
وعضل الشيء عن الشيء : ضاق . وعضلت المرأة بولدها تعضيلا إذا نشب الولد فخرج بعضه
ولم يخرج بعض فبقي معترضا ، وكان أبو عبيدة يحمل هذا على إعضال الأمر ويراه منه .
وأعضلت ، وهي معضل ، بلا هاء ، ومعضل : عسر عليها ولاده ، وكذلك الدجاجة ببيضها ،
وكذلك الشاء والطير ; قال الكميت :
وإذا الأمور أهم غب نتاجها يسرت كل معضل ومطرق
، وفي ترجمة عصل : والمعصل - بالتشديد - السهم الذي يلتوي إذا رمي به ; وحكى ابن بري عن علي بن حمزة قال : هو المعضل - بالضاد المعجمة - من عضلت الدجاجة إذا التوت البيضة في جوفها . والمعضلة أيضا : التي يعسر عليها ولدها حتى يموت ; هذه عن اللحياني . وقال الليث : يقال للقطاة إذا نشب بيضها : قطاة معضل . وقال الأزهري : كلام العرب قطاة مطرق وامرأة معضل . وقال أبو مالك : عضلت المرأة بولدها إذا غص في فرجها فلم يخرج ولم يدخل . وفي حديث عيسى ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام : أنه مر بظبية قد عضلها ولدها ، قال : يقال عضلت الحامل وأعضلت إذا صعب خروج ولدها ، وكان الوجه أن يقول بظبية قد عضلت فقال عضلها ولدها ، ومعناه أن ولدها جعلها معضلة حيث نشب في بطنها ولم يخرج . وأصل العضل المنع والشدة ، يقال : أعضل بي الأمر إذا ضاقت عليك فيه الحيل . وأعضله الأمر : غلبه . وداء عضال : شديد معي غالب ; قالت ليلى :
شفاها من الداء العضال الذي بها غلام إذا هز القناة سقاها
،
ويقال : أنزل بي القوم أمرا معضلا لا أقوم به ; وقال ذو الرمة :
ولم أقذف لمؤمنة حصان بإذن الله موجبة
عضالا
،
وقال شمر : الداء العضال المنكر الذي يأخذ مبادهة ثم لا يلبث أن يقتل ، وهو الذي
يعيي الأطباء علاجه ، يقال أمر عضال ومعضل ، فأوله عضال فإذا لزم فهو معضل . وفي
حديث كعب : لما أراد عمر الخروج إلى العراق قال له : وبها الداء العضال ; قال ابن
الأثير : هو المرض الذي يعجز الأطباء فلا دواء له . وتعضل الداء الأطباء وأعضلهم :
غلبهم . وحلفة عضال : شديدة غير ذات مثنوية ; قال :
إني حلفت حلفة عضالا
وقال
ابن الأعرابي : عضال هنا داهية عجيبة
أي حلفت يمينا داهية شديدة . وفلان عضلة وعضل : شديد ، داهية ; الأخيرة عن ابن الأعرابي . وفلان عضلة من العضل أي
داهية من الدواهي . والعضلة ، بالضم : الداهية . وشيء عضل ومعضل : شديد القبح ;
عنه أيضا ; وأنشد :
ومن حفافي لمة لي عضل
ويقال : عضلت الناقة تعضيلا وبددت تبديدا وهو الإعياء من المشي والركوب وكل عمل . وعضل بي الأمر وأعضل بي وأعضلني : اشتد وغلظ واستغلق . وأمر معضل : لا يهتدى لوجهه . والمعضلات : الشدائد . وروي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال : أعضل بي أهل الكوفة ، ما يرضون بأمير ولا يرضاهم أمير ; قال الأموي في قوله أعضل بي : هو من العضال وهو الأمر الشديد الذي لا يقوم به صاحبه ، أي : ضاقت علي الحيل في أمرهم وصعبت علي مداراتهم . يقال : قد أعضل الأمر ، فهو معضل ; قال الشاعر :
واحدة أعضلني داؤها فكيف لو قمت على أربع
وأنشد الأصمعي هذا البيت أبا توبة ميمون بن حفص مؤدب عمر بن سعيد بن سلم بحضرة سعيد ، ونهض الأصمعي فدار على أربع يلبس بذلك على أبي توبة ، فأجابه أبو توبة بما يشاكل فعل الأصمعي ، فضحك سعيد وقال لأبي توبة : ألم أنهك عن مجاراته في المعاني ؟ هذه صناعته . وسئل الشعبي عن مسألة مشكلة فقال : زباء ذات وبر ، لو وردت على أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لعضلت بهم ; عضلت بهم أي : ضاقت عليهم ; قال الأزهري : معناه أنهم يضيقون بالجواب عنها ذرعا لإشكالها . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : أعوذ بالله من كل معضلة ليس لها أبو حسن ، وروي معضلة ; أراد المسألة الصعبة أو الخطة الضيقة المخارج من الإعضال أو التعضيل ، ويريد بأبي الحسن علي بن أبي طالب ، كرم الله وجهه . وفي حديث معاوية وقد جاءته مسألة مشكلة فقال : معضلة ولا أبا حسن ! قال ابن الأثير : أبو حسن معرفة وضعت موضع النكرة كأنه قال : ولا رجل لها كأبي حسن ، لأن لا النافية إنما تدخل على النكرات دون المعارف . وفي الحديث : فأعضلت بالملكين فقالا يا رب إن عبدك قد قال مقالة لا ندري كيف نكتبها . وأعضألت الشجرة : كثرت أغصانها واشتد التفافها ; قال :
كأن زمامها أيم شجاع ترأد في غصون معضئله
همز على قولهم دأبة وهي هذلية شاذة ; قال أبو منصور : الصواب معطئلة - بالطاء - وهي الناعمة ; ومنه قيل : شجر عيطل أي ناعم . والعضلة : شجيرة مثل الدفلى تأكله الإبل فتشرب عليه كل يوم الماء ; قال أبو منصور : أحسبه العصلة - بالصاد المهملة - فصحف . والعضل ، بفتح الضاد والعين : الجرذ ، والجمع عضلان . ابن الأعرابي : العضل ذكر الفأر ، والعضل : موضع ، وقيل : موضع بالبادية كثير الغياض . وعضل : حي . وبنو عضيلة : بطن . وقال الليث : بنو عضل حي من كنانة ، وقال غيره : عضل والديش حيان يقال لهما القارة وهم من كنانة . وقال الجوهري : عضل قبيلة ، وهو عضل بن الهون بن خزيمة أخو الديش ، وهما القارة
ومن
تفسير القرآن للحافظ الطبري:القول في تأويل قوله تعالى ( وإذا طلقتم النساء فبلغن
أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف
قال أبو جعفر : ذكر أن هذه الآية نزلت في رجل كانت له أخت كان زوجها من ابن عم لها
فطلقها ، وتركها فلم يراجعها حتى انقضت عدتها ، ثم خطبها منه ، فأبى أن يزوجها
إياه ومنعها منه ، وهي فيه راغبة .
ثم اختلف أهل التأويل في الرجل الذي كان فعل ذلك ، فنزلت فيه هذه الآية . فقال
بعضهم : كان ذلك الرجل معقل بن يسار المزني
ذكر من قال ذلك :
4927 - حدثني محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة عن
الحسن ، عن معقل بن يسار قال : كانت أخته تحت رجل فطلقها ، ثم خلا عنها ، حتى إذا
انقضت عدتها خطبها ، فحمي معقل من ذلك أنفا . وقال : خلا عنها وهو يقدر عليها ،
فحال بينه وبينها ، فأنزل الله - تعالى ذكره - : " وإذا طلقتم النساء فبلغن
أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " .
** حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، عن الفضل بن دلهم ، عن الحسن ، عن معقل بن
يسار : أن أخته طلقها زوجها ، فأراد أن يراجعها ، فمنعها معقل ، فأنزل الله -
تعالى ذكره - : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن
أزواجهن " إلى آخر الآية .
4929 - حدثنا محمد بن عبد الله المخزومي قال : حدثنا أبو عامر قال : حدثنا عباد بن
راشد قال : حدثنا الحسن قال : حدثني معقل بن يسار قال : كانت لي أخت تخطب وأمنعها
الناس ، حتى خطب إلي ابن عم لي فأنكحتها ، فاصطحبا ما شاء الله ، ثم إنه طلقها
طلاقا له رجعة ، ثم تركها حتى انقضت عدتها ، ثم خطبت إلي ، فأتاني يخطبها مع
الخطاب ، فقلت له : خطبت إلي فمنعتها الناس ، فآثرتك بها ، ثم طلقت طلاقا لك فيه
رجعة ، فلما خطبت إلي آتيتني تخطبها مع الخطاب ! والله لا أنكحكها أبدا . قال :
ففي نزلت هذه الآية : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن
أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " قال : فكفرت عن يميني ، وأنكحتها إياه .
4930 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : "
وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم
بالمعروف " ذكر لنا أن رجلا طلق امرأته تطليقة ، ثم خلا عنها حتى انقضت عدتها
، ثم قرب بعد ذلك يخطبها - والمرأة أخت معقل بن يسار - فأنف من ذلك معقل بن يسار ،
وقال : خلا عنها وهي في عدتها ، ولو شاء راجعها ، ثم يريد أن يراجعها وقد بانت منه
. فأبى عليها أن يزوجها إياه . وذكر لنا أن نبي الله - لما نزلت هذه الآية - دعاه
فتلاها عليه ، فترك الحمية واستقاد لأمر الله .
4931 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن يونس ، عن الحسن
قوله تعالى : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن " إلى آخر
الآية قال : نزلت هذه الآية في معقل بن يسار . قال الحسن : حدثني معقل بن يسار أنها
نزلت فيه . قال : زوجت أختا لي من رجل فطلقها ، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها ،
فقلت له : زوجتك وفرشتك أختي وأكرمتك ، ثم طلقتها ، ثم جئت تخطبها . لا تعود إليك
أبدا ، قال : وكان رجل صدق لا بأس به ، وكانت المرأة تحب أن ترجع إليه ، قال الله
- تعالى ذكره - : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن
أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " .
قال : فقلت : الآن أفعل يا رسول الله . فزوجها منه .
** حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح قال : حدثنا أبو بكر الهذلي ، عن بكر
بن عبد الله المزني قال : كانت أخت معقل بن يسار تحت رجل فطلقها ، فخطب إليه
فمنعها أخوها فنزلت : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن " إلى آخر الآية
.
4933 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن
مجاهد قوله : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن
" الآية . قال : نزلت في امرأة من مزينة طلقها زوجها وأبينت منه ، فنكحها آخر
، فعضلها أخوها معقل بن يسار ، يضارها خيفة أن ترجع إلى زوجها الأول . قال ابن
جريج ، وقال عكرمة : نزلت في معقل بن يسار . قال ابن جريج : أخته جمل ابنة يسار ،
كانت تحت أبي البداح ، طلقها ، فانقضت عدتها ، فخطبها ، فعضلها معقل بن يسار .
4934 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن
أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " نزلت في امرأة من مزينة طلقها زوجها ،
فعضلها أخوها أن ترجع إلى زوجها الأول وهو معقل بن يسار أخوها .
[ ص: 21 ] 4935 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن
أبي نجيح ، عن مجاهد مثله ، إلا أنه لم يقل فيه : " وهو معقل بن يسار "
.
4936 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك قال :
أخبرنا سفيان ، عن أبي إسحاق الهمداني : أن فاطمة بنت يسار طلقها زوجها ، ثم بدا
له فخطبها ، فأبى معقل . فقال : زوجناك فطلقتها وفعلت ، فأنزل الله - تعالى ذكره -
: " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " .
4937 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الحسن
وقتادة في قوله : " فلا تعضلوهن " قال : نزلت في معقل بن يسار ، كانت
أخته تحت رجل فطلقها ، حتى إذا انقضت عدتها جاء فخطبها ، فعضلها معقل فأبى أن
ينكحها إياه ، فنزلت فيها هذه الآية - يعني به الأولياء - يقول : " فلا
تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " .
4938 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن رجل ، عن معقل بن يسار
قال : كانت أختي عند رجل فطلقها تطليقة بائنة ، فخطبها ، فأبيت أن أزوجها منه ،
فأنزل الله - تعالى ذكره - : " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " الآية .
وقال آخرون : كان الرجل : " جابر بن عبد الله الأنصاري " .
ذكر من قال ذلك :
4939 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط ، عن
السدي : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا
تراضوا بينهم بالمعروف " قال : نزلت في جابر بن عبد الله [ ص: 22 ] الأنصاري
، وكانت له ابنة عم فطلقها زوجها تطليقة ، فانقضت عدتها ، ثم رجع يريد رجعتها .
فأما جابر فقال : طلقت ابنة عمنا ، ثم تريد أن تنكحها الثانية ؟ ! وكانت المرأة
تريد زوجها ، قد راضته . فنزلت هذه الآية .
وقال آخرون : نزلت هذه الآية دلالة على نهي الرجل مضارة وليته من النساء ، يعضلها
عن النكاح .
ذكر من قال ذلك :
4940 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ،
عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن
" فهذا في الرجل يطلق امرأته تطليقة أو تطليقتين ، فتنقضي عدتها ، ثم يبدو له
في تزويجها وأن يراجعها ، وتريد المرأة فيمنعها أولياؤها من ذلك ، فنهى الله
سبحانه أن يمنعوها .
4941 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن
أبيه ، عن ابن عباس : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن
أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " كان الرجل يطلق امرأته تبين منه وينقضي
أجلها ، ويريد أن يراجعها وترضى بذلك ، فيأبى أهلها ، قال الله - تعالى ذكره - :
" فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " .
4942 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن
سفيان ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق في قوله : " فلا تعضلوهن أن
ينكحن أزواجهن " قال : كان الرجل يطلق امرأته ثم يبدو له أن يتزوجها ، فيأبى
أولياء المرأة أن يزوجوها ، فقال الله - تعالى ذكره - : " فلا تعضلوهن أن
ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " .
[ ص: 23 ] 4943 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن أصحابه ، عن
إبراهيم في قوله : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن
أزواجهن " قال : المرأة تكون عند الرجل فيطلقها ، ثم يريد أن يعود إليها ،
فلا يعضلها وليها أن ينكحها إياه .
4944 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث ، عن يونس ،
عن ابن شهاب : قال الله - تعالى ذكره - : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن
فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " الآية ، فإذا طلق الرجل المرأة وهو وليها ،
فانقضت عدتها ، فليس له أن يعضلها حتى يرثها ، ويمنعها أن تستعف بزوج .
4945 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ قال : أخبرنا عبيد بن سليمان
قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا
تعضلوهن " هو الرجل يطلق امرأته تطليقة ، ثم يسكت عنها فيكون خاطبا من الخطاب
، فقال الله لأولياء المرأة : " لا تعضلوهن " يقول : لا تمنعوهن أن
يرجعن إلى أزواجهن بنكاح جديد " إذا تراضوا بينهم بالمعروف " إذا رضيت
المرأة وأرادت أن تراجع زوجها بنكاح جديد .
قال أبو جعفر : والصواب من القول في هذه الآية أن يقال : إن الله - تعالى ذكره -
أنزلها دلالة على تحريمه على أولياء النساء مضارة من كانوا له أولياء من النساء
بعضلهن عمن أردن نكاحه من أزواج كانوا لهن ، فبن منهن بما تبين به المرأة من زوجها
من طلاق أو فسخ نكاح . وقد يجوز أن تكون نزلت في أمر معقل بن يسار وأمر أخته ، أو
في أمر جابر بن عبد الله وأمر ابنة عمه . وأي ذلك كان فالآية دالة على ما ذكرت .
[ ص: 24 ] ويعني بقوله تعالى : " فلا تعضلوهن " لا تضيقوا عليهن بمنعكم
إياهن - أيها الأولياء - من مراجعة أزواجهن بنكاح جديد ، تبتغون بذلك مضارتهن .
يقال منه : " عضل فلان فلانة عن الأزواج يعضلها عضلا " وقد ذكر لنا أن
حيا من أحياء العرب من لغتها : " عضل يعضل " . فمن كان من لغته "
عضل " فإنه إن صار إلى " يفعل " قال : " يعضل " بفتح
" الضاد " . والقراءة على ضم " الضاد " دون كسرها ، والضم من
لغة من قال " عضل " .
وأصل " العضل " الضيق ، ومنه قول عمر - رحمة الله عليه - : " وقد
أعضل بي أهل العراق ، لا يرضون عن وال ، ولا يرضى عنهم وال " يعني بذلك
حملوني على أمر ضيق شديد لا أطيق القيام به .
ومنه أيضا " الداء العضال " وهو الداء الذي لا يطاق علاجه ؛ لضيقه عن
العلاج ، وتجاوزه حد الأدواء التي يكون لها علاج ، ومنه قول ذي الرمة :
ولم أقذف لمؤمنة حصان بإذن الله موجبة عضالا [ ص: 25 ] ومنه قيل : " عضل
الفضاء بالجيش لكثرتهم " إذا ضاق عنهم من كثرتهم . وقيل : " عضلت المرأة
" إذا نشب الولد في رحمها فضاق عليه الخروج منها ، ومنه قول أوس بن حجر :
وليس أخوك الدائم العهد بالذي يذمك إن ولى ويرضيك مقبلا
ولكنه النائي إذا كنت آمنا وصاحبك الأدنى إذا الأمر أعضلا
و " أن " التي في قوله : " أن ينكحن " في موضع نصب قوله :
" تعضلوهن " .
ومعنى قوله : " إذا تراضوا بينهم بالمعروف " إذا تراضى الأزواج والنساء
بما يحل ، ويجوز أن يكون عوضا من أبضاعهن من المهور ، ونكاح جديد مستأنف كما : -
4946 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن عمير بن عبد
الله ، عن عبد الملك بن المغيرة ، عن عبد الرحمن البيلماني قال : قال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - : أنكحوا الأيامى . فقال رجل : يا رسول الله ، ما العلائق
بينهم ؟ قال : " ما تراضى عليه أهلوهم " .
[ ص: 26 ] 4947 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا محمد بن الحارث قال : حدثنا محمد بن
عبد الرحمن بن البيلماني ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم
- بنحو منه .
قال أبو جعفر : وفي هذه الآية الدلالة الواضحة على صحة قول من قال : " لا
نكاح إلا بولي من العصبة " . وذلك أن الله - تعالى ذكره - منع الولي من عضل
المرأة إن أرادت النكاح ونهاه عن ذلك . فلو كان للمرأة إنكاح نفسها بغير إنكاح
وليها إياها ، أو كان لها تولية من أرادت توليته في إنكاحها - لم يكن لنهي وليها
عن عضلها معنى مفهوم ، إذ كان لا سبيل له إلى عضلها - وذلك أنها إن كانت متى أردات
النكاح جاز لها إنكاح نفسها ، أو إنكاح من توكله إنكاحها ، [ ص: 27 ] فلا عضل
هنالك لها من أحد فينهى عاضلها عن عضلها . وفي فساد القول بأن لا معنى لنهي الله
عما نهى عنه صحة القول بأن لولي المرأة في تزويجها حقا لا يصح عقده إلا به . وهو
المعنى الذي أمر الله به الولي من تزويجها إذا خطبها خاطبها ورضيت به ، وكان رضى
عند أوليائها ، جائزا في حكم المسلمين لمثلها أن تنكح مثله ونهاه عن خلافه من
عضلها ، ومنعها عما أرادت من ذلك ، وتراضت هي والخاطب به .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق